صفر الدين هلال .. يوشوش الودع

زمان بلادنا البسيطة الرقيقة ونحن مازلنا كتاكيت تصوصو حول الأهل الذين يشخطون وينطرون فينا بين الفينة والفينة لأننا نقطع بصيحاتنا تسلسل أحاديثهم المكررة حول الزرع والمحصول وسعر الجاموسة الذي تجاوز الخمس مائة جنيه في سابقة خطيرة تنذر بالغلاء والبلاء لأسعار اللحوم لاحقاً كان الجميع يصمت للاستماع والاستمتاع بصوت المطربة الوحيدة في قطر الكون الذي لم يكن يتجاوز حدود قريتنا الجميلة في ذهننا وربما ذهن آخرين من عجائز القرية البسطاء الذين كانوا يشغلون الصفوف الأمامية في حفلة أم خربان الرمالة صاحبة الصوت العذب غناء وحديثاً مكرراً لم يمله أهل القرية برغم مرور أعوام وأعوام على تكرار ذات الحديث على مسامعهم عصر كل يوم.

كانت أم حربان وهو اسمها الحقيقي ، قبل أن يعبث به بعض خبثاء القرية الذين زرعوا في يوم ما نقطة فوق الحاء فصارت خاءً لكي تعبر أكثر عما وصل إليه عقل أم حربان الخربان في رأيهم مهما ظل يمتعهم بعذوبة الصوت وحلاوته ، وهم معذورون في هذا لأن أم حربان على مدى ثلاثين دهراً لم تغير من كلامها حرفاً واحداً برغم ما غيرته تلك السنين في هيئتها .. تأتي كل يوم للطواف على بيوتات القرية وتجمعات أهلها في الساحات لتسمعهم ذات الحديث برغم أن معظمهم مازال مصراً على وشوشة الودع سراً قبل أن يعيده إليها وكأنه يتوسل إلى الودع أن يضع على لسان أم خربان كلاماً جديداً.

كلما شاهدت الدكتور علي الدين هلال الذي بات طبقاً أساسياً في المطبخ الإعلامي المصري تذكرت أم خربان وابتسمت رغم ما ينطق به الرجل من غريب القول الذي يبعث على البكاء مما وصل إليه حال بلدنا الحبيب من تدني وانحطاط لا مثيل له حتى في القرى التي مازالت تقتات على الصيد ، يستغرب جميع من حولي من ابتسامتي لأنهم يدركون مثلي أن الدكتور هلال لم يمل حتى اللحظة من تكرار ولت وعجن ذات الأكاذيب المجرمة ، هم معذورون بالطبع لأنهم شاهدوا أم خربان الحزب الوطني ولم يقدر لأحدهم أن يشاهد أم خربان قريتنا.

اليوم تعج مصر بأمهات الخربانين من ذوي العقول الفاسدة والأفكار المسمومة الذين يرددون كالببغاوات الخرساء العمياء ما يلقنه لهم مدربو العلاقات العامة الأمريكان المستوردين لتدريب لجنة وكوسات المتعوس الأصغر إبن الموكوس الأكبر على أصول الفهلوة السياسية والإعلامية الأمريكاني واستراتيجيات الغنج والعهر السياسي . لعل الدكتور صفر الدين هلال هو أحد أهم رموز عهد المهزلة والقذارة والعفن الذي نحياه اليوم مع الأسف ، عهد طالت فيه القذارة كل شيء حتى باتت هي السمة الغالبة لمصرنا الغالية حتى اللحظة وكل لحظة ولآخر لحظة في عمرنا ولن نكرهها رغم كل قذاراتهم وقذارة ما يروجون له من أفكار صهيوأمريكية أقذر هدفها تطفيشنا من هذا البلد ونحن بداخله ، بمعنى دفعنا إلى اليأس الذي يؤدي في نهايته إلى الكره لهذا الوطن ليكون لقمة طرية كما المهلبية للصهيونية التي تلعق لسانها اشتهاء لهبة النيل التي يدعون أنهم هم بناة أهرامها وحضارتها ومعابدها من قبل موسى وهارون.

رأينا مثلما يرى النائم كابوس صفر المونديال الشهير الذي صفع به ذلك الدكتور الأفاق أستاذ الدعارة السياسية المدعو صفر الدين هلال وجوه كل المصريين بعد أن لذقهم على قفاهم ولهف شوية ملايين هو ولجنة الإعداد لاستضافة مونديال 2010 بقوادته شخصيا حين كان زيراً للشباب .. كان كابوساً أصاب كل بر مصر حتى وصل إلى قريتنا النائمة على ذراع النيل الحزين حالياً .. الكل غضب وبكى وحزن ليس بسبب فقد مصر فرصة استضافة نهائيات كأس العالم لأن هذا من المستحيلات العشرة ولكن حزننا جميعاً كان على الصفر .. مصر تحصل على صفر ؟؟؟!!! ولا حتة صوت واحد يا خلق ؟؟؟ ولا حتى ربع صوت ؟؟؟ في حين أن دولا أخرى كثيرة حصلت على عشرة أصوات وأكثر وهي كما نعلم ليست أوروبية ولا غربية .. هي مجرد دول كنا قبل الصفر نظن أننا أفضل منها إفريقيا على الأقل.

صفر يا مفتريين ؟؟؟!!! صفر ؟؟؟ مصر تحصل على صفر ؟؟؟

ظننا حينها أن صفر الدين هلال لن يطردوه من وزارة الشباب فقط ولكنه سيعدم في ميدان التحرير ليقدم قرباناً إلى الشعب كي يعفو ويصفح .. لكن شيئاً من هذا لم يحدث .. أستقالوه فقط من الوزارة ولم يحاسبه أحد على تلك المصيبة الكبيرة ، لماذا ؟ لأن الفساد والإفساد عام ومتغلغل ومحروس بالمحروس بتاع لجنة وكوسات الحزن الوطني والواطي الأكبر اللي خلفه ، والفساد دوماً لا يأتي إلا بالفاسدين ليكونوا معه في الحكم ، لماذا ؟ لأن الفاسدين دوماً تحت السيطرة وأوراقهم التي تحبسهم وتقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف موجودة وجاهزة للخروج عند خروج أي فاسد منهم عن نص الفساد الذي يكتبه زعيم الفاسدين ويروج له كهنة معبد الفساد.

وظل صفر الدين هلال موجوداً على الساحة ، بل وجعلوه ضيفاً ثقيلاً على قلوب كل الندوات والمؤتمرات والفضائيات ليردد على مسامعنا ليل نهار تلك الحكاية الملتوتة المكررة لأم خربان ، بيد أن ملك الأصفار وأنكر الأصوات لا يملك حنجرة أم خربان .